للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في لفظ: ثم اِستأذَنَ عَلَيَّ أفلَحُ فَلَمْ آذَنْ لَهُ، فَقَالَ: أَتَحْتَجِبِين مِنِّي وَأَنَا عَمُّكِ؟

فَقُلْتُ: كَيفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أرْضَعَتْك امْرَأةُ أخِي بِلبَن أخِي.

قَالتْ: فَسَألتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "صَدَقَ أفلحُ، ائذَني لَهُ، تَرِبَت يَمِينُكِ".

تربت: أي افتقرت. والعرب تدعو على الرجل، ولا تريد وقوع الأمر به.

الغريب:

أفلح: بفتح الهمزة، بعدها فاء ساكنة، ثم لام، ثم حاء مهملة غير منون لأنه لا ينصرف.

القعيس: بقاف مضمومة، ثم عين مهملة، فياء مثناة تحتية، فسين مهملة.

عند الدارقطني: أن اسمه وائل بن أفلح الأشعري.

آذن له: بالمد.

بعد ما أنزل الحجاب: كان النساء في صدر الإسلام يُسْفِرْنَ بعد أعقاب الجاهلية فأنزل الله تعالى آية الحجاب {يا أيها النبي قل لأزْوَاجكَ وَبَنَاتكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِن مِنْ جلابيبهن} الآية. سنة خمس فاحتجبن عن الرجال.

والجلباب: هو الملحفة: مثل (العباءة) .

تَرِبت يمينك: يعنى لصقت بالتراب من الفقر، دعاء تقوله العرب ولا تريد المقصود منه.

المعنى الإجمالي:

استرضعت عائشة رضي الله عَنها من زوجة أبي القُعَيس.

وبعد ما أمر الله تعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم وبناته ونساء المؤمنين بالحجاب عن الرجال الأجانب، جاء أخو والد عائشة من الرضاعة، يستأذن عليها بالدخول، فأبت أن تأذن له، لأن التي أرضعتها زوجة أبي القعيس، لا هو.

واللبن للمرأة لا للرجل، فيما تظن.

فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته الخبر فقال: " ائذني له فإنه عمك " فعلمت عائشة رضي الله عنها أن اللبن الذي يرتضع، إنما هو من أثر ماء الرجل والمرأة.

فكانت بعد هذا تقول: حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب.

ما يستفاد من الحديث:

١- فيه دليل على ثبوت حكم الرضاع من زوج المرضعة وأقاربه، لأنه صاحب اللبن، فإن اللبن تسبب عن ماءه وماء المرأة جميعا.

فوجب أن يكون الرضاع منهما وتنتشر الحرمة من قِبَلِهِمَا سواء.

وهذا مذهب الجمهور من الصحابة، والتابعين، وأهل الحديث، وأصحاب المذاهب، خلافا لطائفة قليلة يرون: أن الحرمة لا تنتشر إلا من قبل المرأة فقط، وهو رد للنصوص الصحيحة.

<<  <   >  >>