للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثالث: أن الرضاع يحرِّم ولو كان للكبير البالغ، أو الشيخ.

الرابع: أن الرضاع لا يكون محرماً إلا ما كان في الصغر، إلا إذا دعت الحاجة إلى رضاع الكبير، الذي لا يستغنى عن دخوله، ويشق الاحتجاب منه.

فذهب إلى الأول، الشافعي، وأحمد، وصاحبا أبي حنيفة، أبو يوسف، ومحمد بن الحسن. وصح عن عمر، وابن مسعود، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر. وروى عن الشعبي، وهو قول سفيان، وإسحاق، وابن المنذر.

واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {وَالوَالِدَاتُ يُرضِعْنَ أولادهُن حَولَين كَامِلَيْن لِمَنْ أرَادَ أن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} فجعل تمام الرضاعة حولين، فلا حكم لما بعدهما، فلا يتعلق به تحريم.

وحديث " إنما الرضاعة من المجاعة "، المتقدم، ومدة المجاعة، هي ما كان في الحولين.

وما رواه الدارقطني بإسناد صحيح عن ابن عباس يرفعه "لا رضاع إلا ما كان في الحولين ".

وفي سنن أبي داود من حديث ابن مسعود يرفعه "لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم وأنشز العظمْ".

ورضاع الكبير لا ينبت اللحم ولا ينشز العظم.

وذهب إلى القول الثاني، أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، خلا عائشة.

وروي عن ابن عمر، وابن المسيب، واختاره شيخ الإسلام (ابن تيميه) ودليل هؤلاء ما في الصحيحين أنه قال: "إنما الرضاعة من المجاعة" فيقتضي عمومه، أن مادام الطفل غذاؤه اللبن، أن ذلك الرضاع محرم، وهو نظر جيد، ومأخذه قَويّ.

وذهب إلى القول الثالث، طائفة من السلف والخلف، منهم عائشة، وروي عن علي، وعروة، وعطاء، وقال به (الليث بن سعد) و (داود) و (ابن حزم) ونصره في كتابه [المحلى] ورد حجج المخالفين.

وكانت عائشة إذا أحبت أن يدخل عليها أحد من الرجال، أمرت أختها أم كلثوم، أو بنات أخيها فأرضعته.

ودليل هؤلاء، ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم [أن سهلة بنت سهيل قالت: يا رسول الله، إن سالما مولى أبي حذيفة معنا في بيتنا، وقد بلغ ما يبلغ الرجال، فقال: "أرضعيه تحرمي عليه" فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة، رواه مسلم.

<<  <   >  >>