للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا حديث صحيح ليس في ثبوته كلام. ولكن أصحاب القول بالحولين يجيبون عنه بأحد جوابين.

الأول: أنه منسوخ، ولكن دعوى النسخ، تحتاج إلى معرفة التأريخ بين النصوص، وليس هناك علم بالمتقدم منها والمتأخر.

ولو كان منسوخا، لقاله الذين يُحَاجُّون عائشة في هذه المسألة ويناظرونها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن.

الجواب الثاني: دعوى الخصوصية، فيرون هذه رخصةً خاصة لسالم وسهلة، وليست لأحد غيرهما.

وتخريج هذا المسلك لهم، أنهم يقولون: جاءت سهلة شاكية متحرجة من الإثم والضيق، لما نزلت (آية الحجاب) فرخص لها النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه استثناها عن عموم الحكم.

قالوا: ويتعين هذا المسلك، وإلا لَزِمَنا أحدُ مسلكين، إما نسخ هذا الحديث بالأحاديث الدالة على اعتبار الصغر في التحريم، أو نسخها به.

ولا يمكن هذا، لأننا لا نعلم تاريخ السابق منها واللاحق. وبهذا المسلك نتمكن من العمل بالأحاديث كلها فيكون هذا الحديث خاصا ب (سالم) و (سهلة) وسائر الأحاديث لعامة الأمة.

وذهب إلى القول الرابع (وهو أن تأييد رضاع الكبير رخصة عامة لكل من هو في مثل حال (سهلة) شيخ الإسلام (ابن تيميه) وجعله توسطا بين الأدلة وجمعا بينها، حيث إن النسخ لا يمكن بين هذه النصوص، لعدم العلم بالتاريخ.

والخصوصية لـ (سالم) وحده لم تثبت، فتكون خصوصية في مثل من هو في حال (سالم) وزوج أبو حذيفة، حيث يشق الاحتجاب عنه، ولا يستغني عن دخوله والخلوة به.

ورجح هذا المسلك (ابن القيم) في (الهدى) فقال: وهذا أولى من النسخ ودعوى الخصوصية لشخص بعينه، وأقرب إلى العمل بجميع الأحاديث من الجانبين، وقواعد الشرع تشهد له. والله الموفق.

<<  <   >  >>