للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خواطرهم، والعمل بقوله تعالى: {وأمرهم شُورَى بينهم} .

فحين أسقطت هذه المرأة جنينا ميتا غير تام، أشكل عليه الحكم في ديته. فاستشار الصحابة رضي الله عنهم في ذلك.

فأخبره المغيرة بن شعبة أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم قضى بدية الجنين "بغرَّة" عبد أو أمة.

فأراد عمر التَّثبُتَ من هذا الحكم، الذي سيكون تشريعاً عاما إلى يوم القيامة.

فأكد على المغيرة أن يأتي بمن يشهد على صدق قوله وصحة نقله. فشهد محمد بن مسلمة الأنصاري على صدق ما قال. رضي الله عنهم أجمعين.

ما يستفاد من الحديث:

١- أن دية الجنين إذا سقط ميتا، بسبب الجناية، عبد أو أمة. أما إذا سقط حياً ثم مات بسببها، ففيه دية كاملة.

٢- استشارة أهل العلم والعقل فى مهام الأمور ومستجدها، لطلب الحق والصواب.

٣- التثبت في المسائل، وطلب صحة الأخبار فيها، وإلا فخبر الواحد كافٍ متى توفرت فيه شروط العدالة والحفظ.

٤- قال (ابن دقيق العيد) : [وفى ذلك دليل على أن العلم الخاص قد يخفى على الأكابر ويعلمه من هو دونهم، وذلك يصد في وجه من يغلو من المقلدين إذا استدل عليه بحديث، فقال: لو كان صحيحا لعلمه فلان مثلا، فإن ذلك إذا خفي على أكابر الصحابة وجاز عليهم، فهو على غيرهم أخفى] .

٥- في الحديث دليل على أنه لا اجتهاد مع النص.

ووجهته أن عمر أراد استثارة الصحابة وأخذ رأيهم في القضية. فلما علموا بالنص، لم يلتفتوا إلى غيره، وهو أمر معروف.

الحديث الثامن

عَنْ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللَه عَنْهُ قالَ: اقتَتلَتِ امْرأتَانِ مِن هُذَيْل، فَرَمَتْ إحداهما الأخرى بِحَجَر فَقَتَلتهَا وَمَا في بَطنِهَا فاختصموا إلَى النبي صلى الله عليه وسلم. فَقَضَى النَّبي صلى الله عليه وسلم أنّ ديِةَ جَنِينهَا غُرَّة عبد أو وَليِدَة. وقضَى بدية المرأة على عاقلتها، وورَّثَهَا ولدَهَا وَمَن معهم.

فَقَامَ حَمَلُ بنُ النابغة الهُذَلُي فَقَالَ: يَا رسُولَ الله، كَيْفَ أغْرَمُ مَنْ لا شَرِبَ ولا أكَلَ، وَلا نَطَقَ ولا اسْتَهَلَّ؟ فَمِثْلُ ذلك يُطَلُّ.

فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّمَا هُوَ مِن إخوان الكهَّان ". مِنْ أجْلِ سَجْعِهِ الذي سَجَعَ.

<<  <   >  >>