وأما أبو بكر رضي الله عنه فلم يرد قول المغيرة وانما طلب الاستظهار بشهادة آخر معه ولو لم يجد غيره لقبله منفرداً كقول إبراهيم بلى ولكن ليطمئن قلبي.
وأما عمر رضي الله عنه فانه قال لأبي موسى سداً للذريعة ليلا يكون الناس كلما توجه إلى أحد منهم لوم وضع حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم يرفع به عنه ذلك اللوم وقد ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه غير مكذب ولا متهم لأبي موسى ولكنه خشي أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما عائشة فهي لم تكذب ابن عمر بل قالت انكم لتحدثون عن غير كاذبين ولا مكذبين ولكن السمع يخطئ كما ثبت عنها رضي الله عنها في الصحيح.
وفي رواية عنها في الصحيح أيضاً أنها قالت رحم الله أبا عبد الرحمن تعني ابن عمر سمع شيئاً فلم يحفظه الخ ... ولكنها ظنت أنه غلط لاعتقادها أن ما أخبر به مخالف لقوله تعالى:((ولا تز وازرة وزر أخرى)) لأن بكاء أهل الميت ليس من فعله فلو عذب به لكان من مؤاخذته بعمل غيره والقرآن ينفي هذا ومن هنا ظنت أنه غلط ظن شخص غلط شخص معين في حادثة معينة لسبب معين ليس فيه البتة ما يقتضي رد قول ذلك المخبر مطلقاً كما ترى مع أن الصواب في هذه المسألة مع ابن عمر رضي الله عنهما وليس الأمر كما ظنت عائشة رضي الله عنها
وتوجيهه عند العلماء من أربعة أوجه , الأول: ان ذلك الميت أوصى أهل بالبكاء عليه كقول طرفة ابن العبد في معلقته:
وحينئذ فتعذيبه بفعله الذي هو أمره وايصاؤه بالمنكر.