النية لعدم اشتراطها في طهارة الخبث. ولكن تناسبه من حيث أنها عبادة وقربة، والعبادة مناسبة لاشتراط النية لقوله:" وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين " الآية. فان قيل: ان كان المناسب لاشتراط النية جهة العبادة لزم اشتراطها في الطهارة من النجاسة لتحقق تلك الجهة فيها إذ لا تكون الا واجبة أو مندوبة، والواجب والمندوب كلاهما عبادة مع أن عدم اشتراطها فيها مجمع عليه.
فجواب المخالفين هو أن الطهارة من النجاسة من حيث هي لم توضع لمحض التعبد، فقد تكون غير واجبة ولا مندوبة كأزالتك لها عن أرضك دفعاً للاستقذار، بخلاف الوضوء مثلا فانه لا يقع إلا عبادة، ولا ينافي ذلك غسل الأعضاء لمجرد التنظيف لأن غسلها على الوجه والترتيب الخاصين لا يكون الا للتعبد.
[تنبيه]
اعلم أن من الفوارق التي ذكرها بعض أهل الأصول بين الشبه والمناسب أن صلاحية الشبه لما يترتب عليه من الأحكام لا يدركها العقل لو قدر عدم ورود الشرع، قالوا فاشتراط النية في الوضوء لو لم يرد الشرع باشتراطها في التيمم لما أدرك العقل اعتبارها فيه بخلاف المناسب فان صلاحيته لما يترتب عليه من الأحكام قد يدركها العقل قبل ورود الشرع.
ولذلك حرم بعض رجال العرب الخمر على نفسه قبل ورود الشرع بتحريمها لأن عقله أدرك قبح زوال العقل وما يلزم عليه من القبائح، حرمها على نفسه للموجب المذكور قيس بن عاصم المنقري التميمي كما ذكره عنه بعض المؤرخين وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب وفي ذلك يقول: