هذه المسألة في كتابنا أضواء البيان في أول سورة آل عمران والعلم عند الله تعالى، فان قيل ان فسرنا المتشابه بأنه ما استأثر الله بعلمه فما الحكمة في خطاب الخلق بما لا يفهمونه، فالجواب ان الله تعالى يمتحن خلقه بما شاء فلا مانع من أن يكلفهم الايمان بما لا يعلمون معناه امتحاناً وابتلاء لهم، ويدل لهذا الوجه ما ذكره تعالى عن الراسخين في العلم من قولهم "
آمنا به كل من عند ربنا " فانهم آمنوا به لأنهم علموا أنه من عند ربهم كالمحكم والله تعالى أعلم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: ـ
[باب النسخ]
النسخ في اللغة الرفع والازالة ومنه نسخت الشمس الظل ونسخت الريح الاثر وقد يطلق لارادة ما يشبه النقل كقولهم نسخت الكتاب، معنى كلامه ظاهر، وقوله ما يشبه النقل عبر بأنه يشبهه لأنه ليس نقلاً حقيقياً لأن ما في الكتاب المنقول منه لم ينقل بالكلية وانما نقلت صورته منه في الكتاب الثاني واعلم أن النسخ جاء في القرآن العظيم لثلاثة معاني وجاء بمعناه اللغوي وهو الرفع
والابطال من غير تعويض شيء عن المنسوخ وهذا في قوله تعالى " فينسخ الله ما يلقي الشيطان".
وجاء بمعناه الشرعي وهو رفع حكم شرعي بخطاب جديد، وذلك في قوله تعالى " ما ننسخ من آية أو ننسها " الآية. وجاء بمعنى نسخ الكتاب أي كتابته كقوله تعالى " هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ما كنتم تعلمون " وقوله " وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون ".