يوضح ذلك اطباق النظار على أن من أعظم طرق الحصر العقل والاستقراء، فالاستقراء من طرق الحصر قطعا. وقوله بحثت فلم أجد غير هذا استقراء منه لأوصاف المحل حتى لا يجد غير تلك الأوصاف التي حصرها بالاستقراء فرد هذا الحصر لا وجه له.
والأكثر منهم يثبت به الحجة للناظر والمناظر معا ولا يشترطون الاجماع على تعليل حكم الأصل لأن الغالب في الأحكام التعليل خلافاً لأبي الخطاب.
[تنبيهان: -]
الأول أن هذا الدليل الذي هو السبر والتقسيم منقسم عند الأصوليين إلى قطعي وظني، فالقطعي هو ما كان فيه حصر الأوصاف وابطال الباطل منها قطعيين. والظني هو ما إذا كان ظنيين أو أحدهما ظنياً.
الثاني: اعلم أن المعترض إذا أبدى وصفاً زائداً على الأوصاف التي حصرها المستدل فان السبر يبطل لبطلان أحد ركنيه وهو الحصر، ومحل هذا ما لم يبين المستدل أن الوصف الزائد الذي أبداه المعترض طردي لا دخل له في التعليل، فانه يكون وجوده وعدمه سواء فيستقيم حصر المستدل بالسبر ولا يبطل دليله، وقد أوضحنا البحث
في هذا الدليل وأكثرنا من أمثلته في القرآن وغيره وذكرنا بعض آثاره العقائدية والتاريخية، وبينا المراد به عند الأصوليين والجدليين، والمنطقيين، وما تسميه به كل طائفة منهم، في كتابنا أضواء البيان في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى:" أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا ".
قال المؤلف رحمه الله تعالى: -
النوع الثالث في إثبات العلة: أن يوجد الحكم بوجودها ويعدم بعدمها