... قد قدمنا أن من أجوبة النقض منع المستدل تخلف الحكم، فان منعه وقال بل الحكم موجود فلا نقض، فأراد المعترض إقامة الدليل على عدم الحكم، فقال بعضهم له ذلك إذ به يحصل مطلوبة وهو النقض بتخلف الحكم عن الوصف. وقال بعضهم له ذلك إن لم يكن طريق آخر أولى بالقدح نظير ما تقدم، والقول بمنعه من الاستدلال مطلقاً صححه صاحب جمع الجوامع، وقال صاحب الضياء اللامع وعزاه ولي الدين لأكثر النظار.
[التنبيه الخامس]
... لو أقام المستدل الدليل على وجود العلة في محل التعليل، وذلك الدليل موجود في محل النقض فنقض المعترض العلة، فقال المستدل لا نسلم وجوده في محل النقض، فقال المعترض ينتقض دليلك، لوجوده في محل النقض دون مدلوله وهو وجود العلة فاختلف هل يسمع منه ذلك أو لا فقال الجدليون: لا يسمع واختاره صاحب جمع الجوامع وغير واحد لأنه انتقال.
وقال بعضهم يسمع منه ذلك ومثل له بعضهم بقول الحنفي يصح صوم رمضان بنية قبل الزوال للامساك والنية، فينقضه الشافعي بالنية بعد الزوال فانها لا تكفي فيمنع الحنفي وجود العلة في هذه الصورة، فيقول الشافعي ما أقمته دليلاً على وجود العلة في هذه الصورة، فيقول الشافعي ما أقمته دليلاً على وجود العلة في محل التعليل دال على وجودها في صورة النقض أيضاً. أما لو قال المعترض يلزمك أحد الأمرين أما نقض العلة أو نقض دليلها وأياً ما كان فلا تثبت العلية كان مسموعاً يفتقر إلى الجواب ولا نزاع في ذلك.