ويشترط فيه وجود علة الأصل فيه لأن وجودها فيه هو مناط تعدية الحكم إليه، واختلف في اشتراط تقدم الأصل على الفرع فعلى أنه شرط لا يقاس الوضوء على التيمم مثلا في وجوب اشتراط النية لأن التيمم شرع متأخراً عن الوضوء، وعلى عدم اشتراطه فلا مانع من قياسه عليه.
واختار المؤلف اشتراط ذلك في قياس العلة دون قياس الدلالة لأن العلة لا يجوز تأخيرها عن المعلول لئلا يلزم وجوده بدون علة، أو بعلة غير المتأخرة بخلاف قياس الدلالة، لجواز تأخير الدليل عن المدلول ومنع غير واحد ظهور حكم الفرع للمكلفين قبل ظهور حكم
الأصل مطلقاً وعليه درج صاحب المراقي بقوله:
منع الدليلين وحكم الفرع ... ... ... ظهوره قبل يرى ذا منع
الركن الرابع: العلة: -
وهي الجامع بين الفرع والأصل، وهو الوصف المشتمل على الحكمة الباعثة على تشريع الحكم. فتعريف المؤلف لها بأنها مجرد علامة لا يخلو من نظر. وقد تبع فيه غيره، وهو مبني على قول المتكلمين أن الأحكام الشرعية لا تعلل بالأغراض قائلين: أن الفعل من أجل غاية معينة يتكمل صاحبه بوجود تلك الغاية، والله جل وعلا منزه عن ذلك لأنه غني لذاته الغني المطلق، والتحقيق أن الله يشرع الأحكام من أجل حكم
باهرة ومصالح عظيمة، ولكن المصلحة في جميع ذلك راجعة إلى المخلوقين الذين هم في غاية الفقر والحاجة إلى ما يشرعه لهم خالقهم من الحكم والمصالح وهو جل وعلا غني لذاته الغني المطلق سبحانه وتعالى عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله.