واستدل لذلك أيضا بحديث (الحلال ما أحله الله فى كتابه والحرام ما حرمه الله فى كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه) .
المذهب الثانى: أن ذلك على التحريم حتى يرد دليل الاباحة واستدل لهذا بأن الأصل منع التصرف فى ملك الغير بغير اذنه وجميع الاشياء ملك لله جل وعلا، فلا يجوز التصرف فيها الا بعد اذنه، ونوقش هذا الاستدلال بأن منع التصرف فى ملك الغير، انما يقبح عادة فى حق من يتضرر بالتصرف في ملكه، وأنه يقبح عادة المنع ممالا ضرر فيه كان لاستظلال بظل حائط انسان والانتفاع بضوء ناره والله جل وعلا لا يلحقه
ضرر من انتفاع مخلوقاته بالتصرف فى ملكه.
المذهب الثالث: التوقف عنه حتى يرد دليل مبين للحكم فيه.
واعلم أن لعلماء الأصول فى هذا المبحث تفصيلا لم يذكره المؤلف ولكنه أشار إليه اشاره خفية وهو أنهم يقولون: الأعيان مثلا، لها ثلاث حالات:
١_ اما أن يكون فيها ضرر محض ولا نفع فيها البتة كان كل الأعشاب السامة القاتلة.
٢_ واما أن يكون فيها نفع محض ولا ضرر فيها أصلا.
٣_ واما أن يكون فيها نفع من جهة وضرر من جهة، فان كان فيها الضرر وحده، ولانفع فيها أو مساويا له فهى حرام لقوله:(لا ضرر ولا ضرار) ، وان كان نفعها خالصا لا ضرر معه أو معه ضرر خفيف والنفع أرجح منه، فأظهر الأقوال الجواز، وقد أشار المؤلف إلى هذا التفصيل بقوله (المنتفع بها) فمفهومه أن ما لا نفع فيه لا يدخل فى كلامه.