قوله (قم) غير قوله لا تقعد وانما النظر فى المعنى وهو أن طلب القيام هل هو بعينه طلب برك القعود إلى آخره.
اعلم أن كون الأمر بالشيء نهياً عن ضده فيه ثلاثة مذاهب: الأول أن الأمر بالشىء هو عين النهى عن ضده وهذا قول جمهور المتكلمين، قالوا أسكن مثلا، السكون المأمور به فيه، هو عين ترك الحركة، قالوا وشغل الجسم فراغاً هو عين تفريغه للفراغ الذى انتقل عنه، والبعد من المغرب هو عين القرب من المشرق وهو بالنسية إليه أمر، وإلى الحركة نهى، والذين قالوا بهذا القول اشترطوا فى الأمر كون المأمور به معيناً وكون وقته مضيقاً ولم يذكر ذلك المؤلف، أما اذا كان غير معين كالأمر بواحد من خصال الكفارة فلا يكون نهياً عن
ضده، فلا يكون فى آية الكفارة نهى عن ضد الاعتاق، مثلا، لجواز ترك الاعتاق من أصله والتلبس بضده والتكفير بالاطعام مثلا، وذلك بالنظر إلى ما صدقه أي فرده المعين كما مثلنا لا بالنظر إلى مفهومه وهو الأحد الدائر بين تلك الاشياء.
ذى حميم: أي الحمام لوجود الماء الحار. ومنه قوله تعالى:(وسقوا ماء حميماً) .
فان الأمر حينئذ نهى عن ضد الأحد الدائر، وضده هو ما عدا تلك الأشياء المخير بينها وكذلك الوقت الموسع فلا يكون الامر بالصلاة فى أول الوقت نهياً على التلبس بضدها في أول الوقت وتأخيرها إلى وسطه أو آخره بحكم توسيع الوقت.
قال مقيده عفا الله عنه:
الذى يظهر والله أعلم أن قول المتكلمين ومن وافقهم من الأصوليين أن الامر بالشىء هو عين النهى عن ضده، مبنى على زعمهم الفاسد أن الأمر قسمان: نفسى ولفظى، وأن الامر النفسى، هو المعنى القائم بالذات