للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد جوز الرواية به كثير من المحدثين والفقهاء والأصوليين وأهل الظاهر بل قال بعض الظاهرية: "لو قال هذه روايتي لكن لا تروها عني كان له أن يرويها عنه كما لو سمع منه حديثا ثم قال له: لا تروه عني لم يضره ذلك" وأيد هذا القاضي عياض فقال: "وهذا صحيح لا يقتضي النظر سواه، لأن منعه أن لا يحدث بما حدثه لا لعلة ولا من ريبة لا يؤثر؛ لأنه قد حدثه فهو شيء لا يرجع فيه".

وقاسوا ذلك على القراءة على الشيخ, فإن الرواية بها لا تتوقف على الإذن وقال ابن الصلاح ووافقه النووي: الصحيح ما قاله غير واحد من المحدثين وغيرهم أنه لا تجوز الرواية به, وبه قطع الغزالي في المستصفى قال: "لأنه قد لا يجوز روايته مع كونه سماعه لخلل يعرفه فيه".

واستدل المانعون من الرواية به بقياسه على مسألة الشهادة على الشهادة فإنها لا تصح إلا إذا أذن الشاهد الأول للثاني بأن يشهد على شهادته. وأجاب القاضي عياض: بأن هذا القياس غير صحيح؛ لأن الشهادة على الشهادة لا تصح إلا مع الإذن على كل حال, والحديث عن السماع والقراءة لا يحتاج فيه إلى إذن باتفاق, وأيضا فالشهادة تفترق عن الرواية في أكثر الوجوه١.

وقال بعض العلماء المعاصرين "والذي اختاره القاضي عياض هو الراجح الموافق للنظر الصحيح, بل إن الرواية على هذه الصفة أقوى وأرجح عندي من الرواية بالإجازة المجردة عن المناولة؛ لأن في هذه شبه مناولة وفيها تعيين للراوي بالإشارة إليه٢.

وجوب العمل به: ثم إنه يجب العمل بما أخبره به الشيخ أنه سمعه إن صح سنده وادعى القاضي عياض الاتفاق على ذلك, وإن اختلف


١ انظر ما قدمناه في الفرق بين عدل الرواية وعدل الشهادة يظهر ذلك الفرق.
٢ هامش الباعث الحثيث ص١٤٦.

<<  <   >  >>