علم الحديث من أشرف العلوم وأجلها بعد علم القرآن, وكيف لا؟ وهو الصلة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعرفة أقواله وأفعاله وصفاته, وهو الذي يبحث فيه عن تصحيح أقواله وأفعاله, والذب عنه أن ينسب إليه ما لم يقله وقد قيل في تفسير قوله تعالى:{يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} ١ ليس لأهل الحديث منقبة أشرف من ذلك؛ لأنه لا إمام لهم غيره -صلى الله عليه وسلم- وأيضًا فسائر العلوم الشرعية وغيرها محتاجة إليه, أما الفقه فلأنه الأصل الثاني من أصول التشريع في الإسلام. وأما التفسير فلأنه أولى ما فسر به كتاب الله تعالى إذا لم يجد فيه ما يفسره في موضع آخر ما ثبت عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه رضي الله عنهم, وأما علوم الأخلاق والمواعظ والتربية النفسية والعلمية والعملية فلأن الأحاديث زخزت ببيان الفضائل والحث عليها, وبيان الرزائل والتنفير منها, وبما يرقق القلوب, ويهذب النفوس, ويقوم السلوك, وأما علوم البلاغة واللغة والأدب فلأن أفصح كلام وأبلغه بعد كلام الله كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم كلام الصحابة.
وأما علم التاريخ وسير الأنبياء والصحابة فلأن أوثق ما يعتمد عليه بعد القرآن الكريم ما تضمنته كتب الحديث في ذلك ولا سيما الصحاح.
وهو علم يناسب مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم. مَنْ حرمه فقد حرم خيرا عظيما مهما نال من علم ومن إجازات ... ومَنْ رزقه فقد نال فضلا عظيما، ولا سيما من صدق العلم بالعمل.
وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته رضي الله عنهم أسوة حسنة في