كان من أثر اتساع رقعة الإسلام دخول كثير من أبناء الأمم المغلوبة فيه ومنهم الفارسي ومنهم الرومي ومنهم الشامي ومنهم المصري، ومن هؤلاء المخلص ومنهم المنافق الذي يكن في نفسه الحقد على الإسلام وقد انتهز أعداء الإسلام والحاقدون عليه عهد السيد الحيي عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- فبذروا البذور الأولى للفتنة فكان ابن سبأ اليهودي الخبيث يطوف في الأقاليم ويؤلب عليه الناس وقد أخفى سمومه تحت ستار التشيع لعلي، وآل بيته، زاعما إنه وصي النبي١ الأحق بالخلافة، بل ادعى ألوهيته, وقد طارده عثمان كما طارده علي رضي الله عنهما، ومما يؤسف أن دعوته وجدت آذانا صاغية من المنحرفين على عثمان، وانتهى الأمر بقتل عثمان شهيدا, وما كاد يتولى سيدنا عليّ الخلافة حتى ناصبه أنصار عثمان العداوة من أول يوم واستفحلت الفتنة ووقعت حروب طاحنة أذكى أوارها السبئيون وأضرابهم، وظهرت طائفة أخرى هي الخوارج وكانت النهاية أن أطاحت الفتنة بركن آخر من أركان الإسلام وهو سيدنا عليّ، وقد تمخضت الفتنة عن شيعة ينتصرون لسيدنا علي، وعثمانية ينتصرون لسيدنا عثمان، وخوارج يعادون الفريقين, ومروانية ينتصرون لمعاوية، وبني أمية، وقد استباح بعض هؤلاء لأنفسهم أن يؤيدوا بعض آرائهم وأهوائهم بوضع الأحاديث، ومن ثم نرى أن نشأة الوضع بمعناه الظاهر الواضح كانت حوالي سنة أربعين من الهجرة، وكان ذلك في عصر صغار الصحابة وكبار التابعين. روى الإمام مسلم في مقدمة صحيحه قال: "جاء هذا يعني بشير بن كعب إلى ابن عباس, فجعل يحدثه, فقال له ابن عباس: عد لحديث كذا وكذا فعاد له فقال: ما أدري أعرفت حديثي
١ ونسبوا إلى النبي زورا وكذبا أنه قال: "لكل نبي وصي ووصيي عليّ".