"هل يجوز التصحيح والتحسين لأهل العصور المتأخرة؟ ".
ذهب ابن الصلاح إلى أنه قد تعذر في هذه الأعصار -عصره وعصر من جاء بعده- الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد النظر في الأسانيد، ومنع بناء على هذا من الجزم بصحة حديث لم نجده في أحد
الصحيحين، ولا منصوصا على صحته في شيء من المصنفات المعتمدة في الحديث كبقية الكتب الستة وما شاكلها.
وقد خالف ابن الصلاح الإمام النووي -رحمه الله تعالى- فقال:"والأظهر عندي جوازه لمن تمكن وقويت معرفته".
وما رجحه النووي هو مذهب جمهور المحدثين كما قال العراقي في شرحه على مقدمة ابن الصلاح وقد ذكر العراقي أن جماعة من المعاصرين لابن الصلاح، ومن جاءوا بعده قد صححوا أحاديث لم يسبقوا إلى تصحيحها.
وقال يظهر أن ابن الصلاح ذهب إلى ذلك بناء على القول بمنع الاجتهاد في الفقه فكما حظر بعضهم الاجتهاد في الأحكام أراد ابن الصلاح أن يمنع الاجتهاد في الحديث بالتصحيح والتحسين والتضعيف.
والحق أن باب الاجتهاد في الأحكام الشرعية لا يزال مفتوحا لمن استكمل أدوات الاجتهاد وصار أهلا له وسد باب الاجتهاد لم يقم عليه دليل من كتاب ولا سنة.