قد حظي بشرف صحبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الألوف ممن لا يحصيهم العدد، ولا يجمعهم ديوان روى البخاري في صحيحه أن كعب بن مالك قال في قصة تخلفه عن تبوك:"وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كثير لا يجمعهم كتاب حافظ" يعني الديوان١، وروى الخطيب البغدادي بإسناده عن أبي زرعة الرازي، وقد قيل له: أليس يقال: حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعة آلاف حديث؟ فقال: ومن قال ذا؟ قلقل الله أنيابه، هذا قوله الزنادقة، ومن يحصي حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟! قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن مائة ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة ممن روى عنه وسمع، وفي رواية: ممن رآه وسمعه، فقيل له: يا أبا زرعة أين كانوا؟ وأين سمعوا منه؟ قال: أهل المدينة، وأهل مكة ومن بينهما، والأعراب، ومن شهد معه حجة الوداع كل رآه، وسمع منه بعرفه.
وقد استشكل الحافظ العراقي التحديد بهذا العدد وقال:"وكيف يمكن الاطلاع على تحديد ذلك مع تفرق الصحابة في البلدان والبوادي والقرى" ثم قال: وقريب منه ما أسنده أبو موسى المديني في ذيله على كتاب "الصحابة" لابن منده على أبي زرعة الرازي قال: توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة، وكل قد روى سماعا أو رؤية، وهذا لا تحديد فيه، فاعتراضه في الحقيقة على التحديد لا على الكثرة.
١ الديوان: السجل الذي يدون فيه أرزاق الجند والعمال وغيرهم ثم أطلق على المكان مجازا وهو معرب.