للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"رواية الأكابر عن الأصاغر":

قد يروي الكبير القدر، أو السن، أو هما معا عمن دونه في كل منهما أو فيهما الأصل في هذا الباب ما ذكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خطبته عن تميم الداري الصحابي العابد الناسك العالم مما أخبر به عن رؤية الدجال في تلك الجزيرة التي في البحر في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في قصة الجساسة١.

وروايته عن مالك بن مزرد, وقيل: ابن مرارة، وقيل ابن مرة الرهاوي فيما أخرجه ابن منده في الصحابة بسنده عن زرعة بن سيف بن ذي يزن: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتب إليه كتابا، وأن مالك بن مزرد الرهاوي قد حدثني أنك أسلمت وقاتلت المشركين، فأبشر بخير ... " الحديث.

وكذا ما ثبت في صحيح البخاري من رواية معاوية بن أبي سفيان عن مالك بن يخامر٢ عن معاذ, وهو قوله: "وهم بالشام" في حديث: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله" , رواه الشيخان.

فائدة معرفة هذا: من فائدة معرفة هذا النوع أن لا يتوهم أن المروي عنه أكبر وأفضل لكونه الأغلب في ذلك تنزيلا لأهل العلم منازلهم وفي مقدمة صحيح مسلم تعليقا بصيغة التمريض أي التضعيف قال: وذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ننزل الناس منازلهم"، ورواه أبو داود في "سننه" وفي سنده انقطاع.

أقسامه: وينقسم إلى أقسام ثلاثة:

الأول: أن يكون الراوي أكبر سنا وأقدم طبقة من المروي عنه كالزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري في روايتهما عن مالك بن أنس، وكالأزهري أبي القاسم عبيد الله بن أحمد في روايته عن تلميذه الخطيب البغدادي, وهو إذ ذاك شاب.

الثاني: أن يكون الراوي أكبر قدرا لا سنا كحافظ عالم روى عن


١ صحيح مسلم -كتاب الفتن وأشراط الساعة- باب قصة الجساسة.
٢ ومعاوية صحابي، ومالك بن يخامر تابعي كبير، وقد عده بعضهم في الصحابة ولم يثبت له ذلك.

<<  <   >  >>