كان معظم الصحابة رضوان الله عليهم يأخذون عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الوحي أخذا شفاهيا بطريق السماع من النبي -صلى الله عليه وسلم, ومن لم تمكنه ظروف حياته من التلقي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مباشرة بسبب السفر أو الاشتغال بالجهاد أو أمور المعاش أخذ عمن تلقى عن الرسول, فقد ثبت في صحيح البخاري ومسلم١ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يتناوب هو وجار له من الأنصار في الذهاب إلى مجلس الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذا ينزل يوما, وذاك ينزل يوما, فإذا نزل أحدهما جاء للآخر بخبر ذلك اليوم من الوحي والأحاديث والأخبار, وهكذا نجد أنهم ما كان يشغلهم دينهم عن دنياهم, ولا تشغلهم دنياهم عن دينهم بل جمعوا بين الحسنيين. وحازوا الفضيلتين: العمل للدنيا والعمل للآخرة. وكذلك من نأى عن الرسول كانوا يرسلون الوفود لتأتيهم بخبر الرسول والوحي قرآنا أو سنة. وذلك كما فعل قوم ضمام بن ثعلبة, فقد وفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- رسولا من قومه وسأله عن الرسالة وشرائع الإسلام. وكوفد عبد القيس, فقد وفدوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- وسألوه عن الإيمان وشرائع الإسلام فأجابهم وعلمهم وأوصاهم أن يحفظوا الإيمان والعلم, ويبلغوه مَن وراءهم رواهما
١ صحيح البخاري, كتاب العلم, باب التناوب في العلم، وصحيح مسلم, كتاب الطلاق.