ذكرنا سابقا أن التعديل والتجريح من الأمور المهمة التي يعول عليها في التصحيح والتضعيف وتمييز المقبول من المردود, وقد حث عليهما القرآن والسنة الصحيحة, وقد تكلم فيهما النبي صلوات الله وسلامه عليه ففي التعديل قال:"نعم الرجل عبد الله -يعني ابن عمر- لو كان يصلي من الليل". وفي التجريح قال:"بئس أخو العشيرة" , رواهما البخاري ومسلم.
كما تكلم فيهما كثير من الصحابة كابن عباس، وأنس بن مالك، وعبادة من الصامت، وغيرهم ثم من جاء بعدهم من التابعين كسعيد بن المسيب، والشعبي، ومحمد بن سيرين وغيرهم، ثم من جاء بعدهم من أتباع التابعين وهكذا نجد في كل طبقة وعصر من أئمة العلم والدين من تكلم في الجرح والتعديل, وقد نقل ابن الصلاح عن صالح بن محمد جزرة الحافظ أنه قال:"أول من تكلم في رجال الحديث شعبة بن الحجاج ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان، ثم من بعده أحمد بن حنبل ويحيى بن معين والمراد أنهم أول من تفرغ لذلك وعني, وإلا فالكلام في الجرح والتعديل سابق عن هؤلاء كما بينا آنفا.
وممن كانت له معرفة وعناية بالجرح والتعديل الأئمة مالك بن أنس "م١٧٩"، والأوزاعي بالشام "م١٥٧"، وسفيان الثوري "م١٦١"، والليث بن سعد "م١٧٥"، وعبد الله بن المبارك "م١٨١"، وسفيان بن عيينة "م١٩٨" وابن علية "م١٩٣"، ووكيع بن الجراح "م١٩٦"، وعبد الرحمن بن مهدي "م١٩٨"، ويحيى بن سعيد القطان "م١٩٨"، ويحيى بن معين "م٢٣٣"، وأحمد بن حنبل "م٢٤١"، ومحمد بن سعد صاحب الطبقات "م٢٣٠"، وعلي بن المديني "م٢٣٤"، وإسحاق ابن راهويه "م٢٣٨".