للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تكلموا في سائر الرواة كابن معين وأبي حاتم الرازي، وقسم تكلموا في كثير من الرواة كمالك وشعبة، وقسم تكلموا في الرجل بعد الرجل كابن عيينة والشافعي ثم قال: والكل على ثلاثة أقسام:

١- قسم منهم متعنت في التجريح مثبت في التعديل، يغمز الراوي بالغلطتين والثلاث, فهذا إذا وثق شخصا فعض على قوله بنواجذك وتمسك بتوثيقه, وإذا ضعف رجلا فانظر هل وافقه غيره على تضعيفه، فإن وافقه، ولم يوثق ذلك الرجل أحد من الحذاق فهو ضعيف، وإن وثقه أحد فهذا هو الذي قالوا فيه: لا يقبل فيه الجرح إلا مفسرا، يعني لا يكفي فيه قول ابن معين مثلا: ضعيف، ولم يبين سبب ضعفه، ثم يجيء البخاري أو غيره يوثقه، ومثل هذا يختلف في تصحيح حديثه وتضعيفه، ومن ثم قال الذهبي -وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال: "لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة", ولهذا كان مذهب النسائي أنه لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه.

٢- وقسم منهم متسامح كالترمذي والحاكم، وكابن حزم فإنه قال في كل من أبي عيسى الترمذي وأبي القاسم البغوي وإسماعيل بن محمد الصفار وأبي العباس وغيرهم من المشهورين: إنه مجهول.

٣- وقسم معتدل كأحمد بن حنبل والدارقطني وابن عدي.

أما المتسامح المتساهل فلا يؤخذ قوله في الجرح والتعديل إلا بعد البحث والتحري وموازنة كلامه بكلام الأئمة المعتدلين المتثبتين وقد أخذ العلماء على الحاكم أنه متساهل في التصحيح كما أخذوا على ابن حزم التهجم على العلماء بغير حق، والتساهل في الجرح.

<<  <   >  >>