للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"بلوغ الموالي من العلماء والرواة مرتبة سامية في الإسلام":

وقد بلغ الموالي بعد تشرفهم بالإسلام منزلة عالية في الإسلام بسبب إيمانهم وتدينهم، وعلمهم، حتى الإمارة حصل عليها بعضهم، وهذا يدل دلالة واضحة على أن الإسلام جعل التفاضل بين الناس بالتقوى, وهي جماع الدين والعلم لا بالأنساب، وطبق ذلك تطبيقا عمليا في دولة الإسلام.

وليس أدل على ذلك مما رواه الإمام مسلم في صحيحه أن عمر بن الخطاب لما تلقاه نائب مكة نافع بن الحارث الخزاعي في أثناء الطريق في حج أو عمرة قال له: من استخلفت على أهل الوادي؟ قال: ابن أبزى١، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: رجل من الموالي، قال وكيف استخلفت مولى؟ قال: إنه حافظ لكتاب الله عالم بالفرائض، فقال سيدنا عمر: أما إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما، ويضع آخرين".

وذكر الإمام الزهري: أن هشام بن عبد الملك٢ قال له:

من يسود أهل مكة؟ قلت: عطاء، قال: أمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالي. قال: وبم سادهم؟ قلت: بالديانة والرواية. قال: إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا.

قال: فمن يسود أهل اليمن؟ قال: قلت: طاوس. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالي. قال: وبم سادهم؟ قلت: بما سادهم به عطاء. قال: إنه لينبغي.


١ هو عبد الرحمن بن أبزى صحابي عند جمهور العلماء الذين نصوا على الصحابة، وتابعي عند بعضهم وأبوه أبزى صحابي ذكره البخاري في "الوجدان", وله حديث واحد وسنده صالح فهو صحابي ابن صحابي "انظر الإصابة في تمييز الصحابة, ترجمة أبزى، وابنه عبد الرحمن بن أبزى".
٢ في علوم الحديث أن الذي سأله عبد الملك بن مروان، وفي اختصار علوم الحديث لابن كثير وشرح السخاوي للألفية أن الذي سأله, هو هشام بن عبد الملك!

<<  <   >  >>