للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وها هنا مسائل مهمة١.

"المسألة الأولى": على طالب العلم ولا سيما العلم الشرعي أن يعظم شيخه ومن يستفيد منه, فإن ذلك من إجلال العلم وأسباب الانتفاع به ففي الحديث المرفوع "ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه" أي قدره وفضله رواه أحمد وغيره.

وروى البيهقي عن ابن عباس قال: "وجدت عامة علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند هذا الحي من الأنصار, فإن كنت لآتي باب أحدكم فأقبل ببابه ولو شئت أن يؤذن لي عليه لأذن لي لقرابتي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكن كنت أبتغي بذلك طيب نفسه".

وعن الشعبي قال: "ركب زيد بن ثابت فأخذ ابن عباس بركابه فقال لا تفعل يابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا! فقبل زيد بن ثابت يده فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا".

وروي عن سيدنا عمر أنه قال: "تواضعوا لمن تعلمون منه" وقال البخاري: "ما رأيت أحدا أوقر للمحدثين من يحيى بن معين".

وإذا سأل شيخه فليسأله بتأدب ويظهر له أنه مسترشد لا معترض وليحذر التعنت مع أستاذه والإلحاح في السؤال حتى يضجره أو يقطع حديثه وهو يتكلم, ولينزله من نفسه منزلة الأب بل أشد, وليستشره في أموره ولا سيما العلمية, وبذلك تتوثق العلاقة بين الطالب والأستاذ وتكون بينهما صلة روحية فوق الصلة العلمية, وليس من شك في أن الشيخ إذا شعر من تلميذه بهذا بل له غاية نصحه ومنحه عظيم رأيه, وقد كانت هذه المعاني متجلية بأحلى صورها في العصور الأولى, ولم تزل


١ زدت في هذه المسائل أشياء كثيرة من عندي واستطردت استطرادات جيدة ولازمة.

<<  <   >  >>