لا للاحتجاج لأنه سمعه في حال المذاكرة والمناظرة، وأحاديث المذاكرة قلما يحتجون بها وقد رد هذا القول ابن الصلاح في مقدمته، وقد قال الحافظ أبو جعفر بن حمدان النيسابوري:"كل ما قال البخاري: قال ليس فلان فهو عرض ومناولة".
والصحيح ما قدمناه أولا من إنه إسناد متصل ولا انقطاع فيه, ومن ثم يتبين لك جليا خطأ ما ذهب إليه أبو محمد بن حزم إمام الظاهرية في رده ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عبد الرحمن بن غنم عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحِرَ ١ , والحرير, والخمر، والمعازف" , وذلك لأن البخاري لما رواه في صحيحه قال: وقال هشام بن عمار ... وساق بقية إسناده فزعم ابن حزم أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام وجعل هذا جوابا عن الاحتجاج بالحديث على تحريم المعازف وما قاله ابن حزم غير صحيح والحديث معروف الاتصال وصحيح على شرط البخاري، ولا انقطاع بين البخاري وشيخه هشام.
وقد روى هذا الحديث أيضا الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وخرجه البرقاني في صحيحه، وغير واحد مسندا متصلا إلى هشام مما يدل على أن الحديث صحيح ولا مطعن فيه, وقد بين الحافظ ابن حجر في "الفتح ج١٠ ص٥٣" أن السبب في إيراد البخاري له بصيغة قال مع سماعه منه هو التردد الحاصل من هشام في اسم الصحابي أهو أبو عامر أم أبو مالك والمعروف أن الحديث من رواية عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك الأشعري.
١ الحر بكسر الحاء وفتح الراء المخففة وأصله حرح حذفت الحاء، والحر هو الفرج والمراد استحلال الزنا وقد تحذف الحاء ويعوض عنها راء وتدغم الراء في الراء فيقال: الحر بكسر الحاء المهملة، وفتح الراء المشددة ولكن الرواية جاءت على الأول.