للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطبري، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي من الشافعية وابن حامد، وأبو يعلى بن الفراء، وأبو الخطاب وابن الزغوني وأمثالهم من الحنابلة وشمس الأئمة السرخسي من الحنفية، وهو قول أكثر أهل الكلام من الأشعرية كالأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني وهو مذهب أهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامة١.

وقد وافق ابن الصلاح الحافظ ابن كثير، والحافظ ابن حجر في شرح النخبة حيث قال بعد أن قسم الخبر إلى متواتر وآحاد: "وقد يقع في أخبار الآحاد ما يفيد العلم النظري بالقرائن على المختار ... إلى أن قال: والخبر المحتف بالقرائن أنواع منها٢ ما أخرجه الشيخان أو أحدهما في صحيحيهما مما لم يبلغ حد المتواتر, فإنه احتلف به قرائن: جلالتهما في هذا الشأن وتقدمها في تمييز الصحيح على غيرهما، وتلقى العلماء لكتابيهما بالقبول وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر، إلا أن هذا مختص بما لم ينتقده أحد من الحفاظ مما في الكتابين، وبما لم يقع التجاذب -أي التعارض- بين مدلوليهما في الكتابين٣ حيث لا ترجيح لأحدهما؛ لاستحالة أن يفيد المتناقضان العلم بصدقهما من غير ترجيح لأحدهما على الآخر، وما عدا ذلك فالإجماع حاصل على تسليم صحته.

والحق هو ما ذهب إليه ابن الصلاح وموافقوه من أن أحاديث الصحيحين -عدا ما انتقد- تفيد العلم النظري، وهذا العلم إنما يحصل للعالم المتبحر فيه العارف بأحوال الرواة وهذا العلم اليقيني النظري يبدو واضحا لكل من تبحر في علم من العلوم، وتشبعت نفسه بأصوله وقواعده ومسائله، واطمأن قلبه إليها، وإنما يستبعد هذا من لم


١ الباعث الحثيث لابن كثير ص٣٦.
٢ هذا شيء آخر استثناه الحافظ زيادة على ما استثناه ابن الصلاح.
٣ النخبة بشرحها وحاشية القاري عليها ص٤١ وما بعدها.

<<  <   >  >>