للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الإمام ابن العربي المالكي١: لا يعمل به مطلقا لا في الحلال والحرام ولا في الفضائل ونحوها.

وأجاز بعض الأئمة رواية الضعيف من غير بيان ضعفه والعمل به, ولكن بشروط:

١- أن يكون الحديث في القصص، أو المواعظ، أو فضائل الأعمال، أو نحو ذلك مما لا يتعلق بصفات الله، وما يجوز له، وما يستحيل عليه سبحانه، ولا بتفسير القرآن ولا بالأحكام كالحلال والحرام، وغيرهما.

٢- أن يكون الضعف فيه غير شديد فيخرج حديث من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب, والذين فحش غلطهم في الرواية، والحديث الذي كثرت طرقه، ولم تخل طريق منها من شدة الضعف.

٣- أن يكون ما ثبت به مندرجًا تحت أصل من أصول الشريعة لئلا يثبت ما لم يثبت شرعًا به, وحينئذ يكون الضعيف مؤكدًا لما ثبت بذاك الأصل الكلي.

٤- أن لا يعتقد العامل به ثبوته بل يقصد الاحتياط والخروج من العهدة.

٥- أن لا يعارضه دليل آخر أقوى منه٢.

والحق أنه لا يجوز رواية الضعيف إلا مقترنًا ببيان ضعفه وبخاصة


١ هو الإمام الحافظ العلامة القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الإشبيلي, ولد سنة ثمان وستين وأربعمائة, رحل مع أبيه إلى المشرق, وسمع من كثير من علماء عصره, وسمع عنه الكثيرون, أثنى عليه ابن بشكوال وقال: أخبرني أنه رحل إلى المشرق سنة خمس وثمانين وأربعمائة, وسمعت بإشبيلية منه وقرطبة كثيرًا, وكان أبوه من علماء الوزراء, وكان فصيحًا مفوهًا شاعرًا, ولما مات أبوه بمصر رجع إمامنا إلى الأندلس, وقد قيل: إنه بلغ مرتبة الاجتهاد، صنف في الحديث، والفقه، والأصول، وعلوم القرآن، والأدب، والنحو والتواريخ، وكانت وفاته بالعدوة بفاس سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.
٢ الباعث الحثيث ص٩١، والتدريب ص١٩٦، والأسلوب الحديث في علوم الحديث لشيخنا الشيخ أمين الشيخ، بحث العمل بالضعيف.

<<  <   >  >>