أن الظاهر السلامة منه فالحديث المُعَلُّ، هو الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته مع أن الظاهر سلامته منها.
"علم العلل": وهذا الفن من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقها، ولا يقوم به إلا من رزقه الله فهمًا ثاقبًا, وحفظًا واسعًا، ومعرفة تامة بمراتب الرواة، وملكة قوية بالأسانيد والمتون، وأحمد بن حنبل والبخاري، والدارقطني وأبي حاتم، وأبي زرعة وأمثالهم.
والطريق إلى معرفة العلل جمع طرق الحديث والنظر في اختلاف رواته، وفي ضبطهم وإتقانهم, فيقع في نفس العالم العارف بهذا الشأن أن الحديث معلول، فيغلب على ظنه ذلك, فيحكم بعدم صحته، أو يتردد فيتوقف فيه.
وقد تقصر عبارة المعلل الناقد عن إقامة الحجة على دعواه كالصيرفي الماهر في نقد الدراهم والدنانير, والطبيب الحاذق المتمرس الذي يدرك المرض بمجرد النظر إلى المريض, وقد يعجزان عن إبداء سبب ظاهري. قال الإمام عبد الرحمن بن مهدي:"معرفة علل الحديث إلهام لو قلت للعالم بعلل الحديث: من أين قلت هذا؟ لم يكن له حجة، وكم من شخص لا يهتدي لذلك", وقيل له أيضا: إنك تقول للشيء هذا صحيح، وهذا لا يثبت، فعمن تقول ذلك؟ قال: أرأيت لو أتيت الناقد, فأريته دراهمك, فقال: هذا جيد وهذا بهرج١، أكنت تسأل عمن ذلك؟ أم تسلم له الأمر؟ قال: بل أسلم له الأمر, قال: فهذا كذلك لطول المجالسة والمناظرة والخبرة، وسئل أبو زرعة: ما الحجة في تعليلكم الحديث؟ فقال: الحجة أن تسألني عن حديث له علة فأذكر علته، ثم تقصد ابن