له لم ينتبهوا إلى بعض الموضوعات واغتروا بها وأوردوها في كتبهم ورسائلهم واحتجاجاتهم ومناظراتهم, وما من علم إلا ونجد في كتبه موضوعات وإسرائيليات منها ما هو بالغ الخطورة على الإسلام ورسوله، ففي بعض كتب الفقه موضوعات، وفي كتب الوعظ والتصوف والأخلاق، بل وفي بعض كتب النحو والصرف واللغة والأدب ولا سيما "المعالم"١ التي عرضت لكثير من الفنون كصبح الأعشى، ونهاية الأرب، وفي بعض كتب الحديث موضوعات إلا أنها -والحق يقال- قليلة جدا بالنسبة لغيرها من كتب العلوم الأخرى، وقد تلقى جمهور الناس، وعامتهم هذه الموضوعات وتقبلوها على أنها صحيحة، وأذاعوها، وقد ساعد على ذلك أن مؤلفي هذه الكتب علماء أجلاء في فنونهم وإن كانوا ليسوا من أهل العلم بالحديث، كما ساعد على انتشارها ضعف دراسة السنة والأحاديث، وعدم العناية بعلم الرجال والنقد بعد العصور الأولى عصور الحديث الذهبية.
وقد تنبيه علماؤنا الأوائل -أثابهم الله- إلى خطر ما في هذه الكتب فألغوا كتب التخاريج التي تميز الصحيح من الضعيف والحق من الباطل, ولو أن كتب التخاريج طبعت من هذه الكتب لكان من وراء ذلك الخير الكثير لقارئ هذه الكتب العلمية, ولكنها نشرت بدون هذه التخاريج فتسممت بها العقول والأفكار وليس أمامنا الآن إلا الجهاد العلمي في بيان هذه الموضوعات والتنبيه إليها, وهذا ما سأعالجه باختصار وإيجاز.
١ المعالم: جمع معلمة وهي كلمة عربية تقوم مقام كلمة "موسوعات" الغير العربية.