الشأن لم يقبل الجرح فيه من أحد كائنا من كان إلا مفسرا؛ لأنه قد ثبت له رتبة الثقة, فلا يزحزح عنها إلا بأمر جلي، فإن أئمة هذا الشأن لا يوثقون إلا من اعتبروا حاله في دينه ثم في حديثه ونقدوه كما ينبغي, وهم أيقظ الناس, فلا ينقض قول أحدهم إلا بأمر صريح، وإن خلا عن التعديل قبل الجرح فيه غير مفسر إذا صدر من عارف؛ لأنه إذا لم يعدل فهو في حيز المجهول وإعمال قول الجارح فيه أولى من إهماله.
وقال الذهبي -وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال:"لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة". والتفصيل الذي اختاره الحافظ ابن حجر هو الذي يطمئن إليه الباحث في النقد بعد استقرار علوم الحديث وتدوينها١.
إذا اجتمع في شخص جرح وتعديل فأيهما يرجح؟:
قال العلماء: إذا اجتمع في شخص جرح وتعديل فالجرح مقدم؛ لأن المعدل يخبر عما ظهر من حاله، والجارح يخبر عن باطن خفي على المعدل، فكان معه زيادة علم يجب أن يؤخذ بها.
وقيل: إن كان عدد المعدلين أكثر قدم التعديل على الجرح والصحيح الأول, وهو ما عليه الجمهور.