وأما محمد بن طلحة فهو الملقب بالسجاد أتى به أبوه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فمسح رأسه وسماه محمد, قال العلائي: ولم يذكر أحد فيما وقفت عليه له رؤية بل تابعي, وإذا كان بعض المؤلفين ذكروا أحدا من هؤلاء في كتبهم, فعلى سبيل الإلحاق لهم بالصحابة لغلبة الظن على أنه -صلى الله عليه وسلم- رآهم لتوفر دواعي أصحابه على إحضارهم أولادهم عند ولادتهم ليحنكهم ويسميهم ويبرك عليهم, ففي صحيح مسلم عن عائشة "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم" وقد ذكرت طرفا من ذلك آنفا.
وأما اشتراط البلوغ في حالة الرؤية فالصحيح أنه ليس شرطا في حد الصحابي, وإلا لخرج به من أجمع العلماء على عدهم في الصحابة كعبد الله بن الزبير والحسن والحسين رضي الله عنهم.
وأما كون المعتبر في الرؤية وقوعها بعد النبوة, فلم أر من تعرض لذلك إلا أن ابن منده ذكر في الصحابة زيد بن عمرو بن نفيل, وإنما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة ومات قبلها، وقد روى النسائي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"إنه يبعث أمة واحدة" , أقول: ولا يلزم من نجاته أن يكون صحابيا؛ لأنه من الموحدين ومن أهل الفترة, وقد جزم الحافظ ابن حجر بعدم دخوله في الصحبة في مقدمة الإصابة، وقد استدل العراقي لاعتبارهم الرؤية بعد النبوة بأن أكثر المؤلفين في الصحابة ذكروا فيهم ولده إبراهيم عليه السلام دون من مات قبلها كالقاسم وأخويه الطاهر وعبد الله، وأما ورقة بن نوفل فقد توقف فيه الحافظ ابن حجر في شرح النخبة حيث قال:"لكن هل يخرج من لقبه مؤمنا بأنه سيبعث ولم يدرك البعثة؟ فيه نظر". ومع هذا فقد ذكره في القسم الأول من الصحابة، وكذا ذكره غيره في الصحابة.
وأما كون الرؤية في عالم الشهادة فالظاهر اشتراطه حتى لا يطلق اسم الصحبة على الأنبياء الذين رأوا النبي ورآهم ليلة الإسراء والمعراج