للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بما علم على حسب ما رأى أو سمع, وقد يرى أحدهما ما لا يرى الآخر، أو يسمع ما لم يسمع الآخر, وقد يكون منشأ هذا الاختلاف في الآخرية اختلافهم في موطن وفاته, فمثلا الذي عليه الجمهور أن آخر الصحابة موتا بالمدينة سهل بن سعيد قاله عليّ بن المديني والواقدي ومحمد بن سعد وغيرهم، ولكن قتادة يرى أنه توفي بمصر فمن ثم جعل آخرهم وفاة بالمدينة جابر بن عبد الله، وقال أبو بكر بن أبي داود أنه توفي بالأسكندرية ولذلك جعل آخرهم وفاة بالمدينة السائب بن يزيد, وقد مات بالمدينة بلا خلاف أما جابر فيرى ابن أبي داود أنه مات بمكة١, وإن كان المشهور وفاته بالمدينة, وهذا مثل من أمثلة كثيرة يهون عليك كثرة هذا الاختلاف.

وآخر الصحابة موتا على الإطلاق أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي مات سنة مائة من الهجرة قاله مسلم في صحيحه, ورواه الحاكم في المستدرك عن خليفة بن خياط، وقيل سنة اثنين ومائة، وقيل سبع ومائة، وقيل عشر ومائة, وهو الذي صححه الذهبي, ويؤيد هذا الأخير ما رواه وهب بن جرير بن حازم عن أبيه قال: كنت بمكة سنة عشر ومائة فرأيت جنازة فسألت عنها فقالوا: "هذا أبو الطفيل" ويدل على أن أبا الطفيل آخرهم موتا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه بإسناده إلى أبي الطفيل قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وما على وجه الأرض رجل رآه غيري", وكانت وفاته رضي الله عنه بمكة.

قال الحافظ العراقي: وما حكاه بعض المتأخرين عن ابن دريد من أن عكراش بن ذؤيب تأخر بعد ذلك وأنه عاش بعد الجمل مائة سنة, فهذا باطل لا أصل له، والذي أوقع ابن دريد في ذلك ابن قتيبة, فقد حكى ذلك في كتابه "المعارف", وهو كثير الغلط، ومع ذلك فالحكاية


١ مقدمة ابن الصلاح بشرح العراقي ص٢٧١.

<<  <   >  >>