للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولتفشوا العلم, ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم. فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا"١. أي خفية, يعني أن كتمان العلم يؤدي إلى ذهابه وهلكته.

ورواه موصولا بسنده. ولكن إلى قول "ذهاب العلماء"٢ وأخرج أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" بسنده عن عمر بن عبد العزيز, رضي الله عنه أنه كتب إلى علماء الآفاق: "انظروا إلى حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاجمعوه".

وممن كتب إليه الإمام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري المدني أحد الأئمة وعالم أهل الحجاز والشام المتوفى سنة أربع وعشرين ومائة هجرية. وقد صادف هذا الأمر من الخليفة الراشد هوى في نفوس العلماء والولاة أمثال أبي بكر بن حزم والزهري وسعيد بن أبي عروبة. والربيع بن صبيح وغيرهم. وكانوا يصنفون كل باب على حدة ... فقاموا بما ندبوا إليه خير قيام. وأقبلوا على جمع الأحاديث والسنن وتجميعها وتمييز صحيحها من سقيمها. ومقبولها من مردودها. ولا سيما أنه لم يعد من السلف من كان يتحرج من الكتابة فقد ارتفع الخلاف الذي كان أولا. واستقر الأمر. وانقعد الإجماع على جواز كتابة الأحاديث بل على استحبابها. بل على وجوبها على من يتعين عليه تبليغ العلم والأحكام ولا تلتفت إلى تشكيك المستشرقين في هذا زعمهم أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بعدم الكتابة. ولكن لعلهم لم يأتمروا به! ولا تلتفت أيضا إلى من تابعهم في هذا من الكتاب المعاصرين٣ فقد قام شاهد العيان على أنهم نفذوا ما


١ صحيح البخاري, كتاب العلم, باب كيف يقبض العلم.
٢ صحيح البخاري, كتاب العلم, باب كيف يقبض العلم, أما ما بعد ذلك فيحتمل أن يكون من كلام عمر بن عبد العزيز, ولكن لم يدخل في هذه الرواية الموصولة, ويحتمل أن يكون من كلام البخاري أورده عقيب كلام عمر بن عبد العزيز بعد انتهائه وبه سرح أبو نعيم في المستخرج عمدة القارئ ج١ ص٥٢٧ ط عثمانية، وانظر فتح الباري ج١ ص١٩٤، ١٩٥.
٣ ضحى الإسلام للأستاذ أحمد أمين ج٢ ص١٠٦.

<<  <   >  >>