وعلى هذا فالصحابة كلهم طبقة واحدة باعتبار اشتراكهم في الصحبة، والتابعون طبقة ثانية وأتباعهم طبقة ثالثة بالاعتبار المذكور وهلم جرا وباعتبار آخر، وهو النظر إلى السوابق تكون الصحابة بضع عشرة طبقة كما في "معرفة الصحابة" أنهم اثنتا عشرة طبقة أو أكثر، وفي "معرفة التابعين" أنهم خمس عشرة طبقة، وهكذا قال ابن الصلاح وتبعه النووي وغيره: والباحث الناظر في هذا الفن يحتاج إلى معرفة المواليد والوفيات، ومن أخذوا عنه، ومن أخذ عنهم، ونحو ذلك والله أعلم.
المؤلفات في هذا الفن: علم معرفة طبقات العلماء والرواة من العلوم المهمة التي ينبغي أن يعلمها العالم ولا سيما المحدث وعدم العلم به يوقع في أخطاء جسيمة وفي جهل فاضح وقد ألف في هذا الفن كثيرون من العلماء قديما وحديثا منهم من ألف في الطبقات والتاريخ عموما ومنهم من ألف في طبقات علماء مخصوصين وإليك أشهر من ألف في ذلك ومؤلفاتهم:
١- كتاب الطبقات الكبرى لأبي عبد الله محمد بن سعد بن منيع الهاشمي مولاهم البصري الحافظ نزيل بغداد، المعروف بكاتب الواقدي صحبه زمانا وكتب له، فعرف به, المتوفى سنة ثلاثين أو خمس وثلاثين ومائتين.
جمع فيه الصحابة والتابعين فمن بعدهم إلى وقته فأجاد، وأحسن كما قال الخطيب البغدادي في نحو من خمسة عشر مجلدا, وهو ثقة في نفسه لكنه كثير الرواية فيه عن الضعفاء منهم: شيخه محمد بن عمر الواقدي, وهو وإن كان من أئمة أهل المغازي لكنه مضعف في الحديث، وشيخه هشام بن محمد بن السائب، الكلبي، وهو في روايته عن الواقدي يقتصر على اسمه، واسم أبيه من غير تمييزه بنسبة أو غيرها وقد أكثر من الرواية عنه وعن هشام شيخه هذا.