للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاهاجي بارع التصرف في النظم، وكان شديد القنا وارد الأنف أزرق حاد النظر أسيل الوجه بادي الشر مهيباً. قال لي شيخنا أبو الحسن: رأيته بدكان بعض الوراقين من مرسية وأنا لا أعرفه فسالت عنه فعرفته فاستعذت بالله من شره ولم اتعرف له.

كانت بينه وبين جماعة من أدباء عصره مخاطبات ومراجعات تشهد بتقدمه في الأدب واستقلاله بما يحاول من النظم وإجادته فيه؛ ورد مراكش مرات منها - وأراها آخرها - قدمة على المستنصر مادحاً له ومتظلماً من المجريطي العامل حينئذ على مرسية ومستعدياً عليه لضربه إياه بالسياط لما انهي (١) إليه من ثلبه إياه، ويذكر أنه كان يقول وهو يضرب: (رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين) " الانبياء: ٨٩ " فيجاوبه المجريطي قائلا له: (ذلك بما قدمت يدالك) " الحج: ١٠ " واطال سجنه؛ ولما قدم على المستنصر وتبرأ عنده مما نسب إليه من هجو المجريطي نفذ أمر المستنصر بإعدائه على المجريطي وتمكينه منه وتحيمه فيه حتى ينتصف منه بمثل ما جنى عليه، وانقلب ابن حزمون بهذا الأمر فلم يصل إلى الأندلس إلا والمستنصر قد توفي، ولم يبلغ إلى أمله من المجريطي فاشتد أسفه لذلك؛ ومن شعره:

يا من له بالأنام أنس ... وهو إلى اللهو ذو التفات

حالك في الموبقات حالي ... قد قناة على قناة


(١) م: انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>