فيها بمسجده المنسوب إليه للوعظ والقصص وإيراد حكايات الصالحين، ونحا منحى الزهد، وكانت العامة تنتاب مجلسه، واستمر على ذلك من حاله إلى عام تسعة وثلاثين، أو أربعين، وخمسمائة، فخرج من بلده للفتنة الدهماء التي اجتاحته وأزعجت أهله عنه حتى لم يبق بها إلا عاجز عن النقلة لضعف أو هرم أو من لا يؤبه له، نعوذ بالله من الفتن، وما تجره من ضروب المحن؛ فقصد مدينة فاس ونزلها عام أربع وأربعين، وأقام بها يدرس الفقه وأصوله ومسائل الخلاف، واخذ عنه مصنفات شيخه أبي [١٧٦] الحسن الكياهراس، وسئل عن معنى هذا اللفظ فقال: معنى الكيا الحبر، وكان لأبيه عبيد يعملون الهريسة فنسب إلى ذلك.
ولم يزل أبو عبد الله البغدادي بفاس مقبلا على نشر العلم وإفادته إلى أن توفي بها يوم الجمعة لخمس بقين من ذي الحجة عام ستة وأربعين وخمسمائة، قاله أبو القاسم بن الملجوم. قال: وأخبروني أن مولده يوم الخميس ثاني عيد الأضحى عام سبعين وأربعمائة، وقال ابن الزبير: أن وفاته كانت في ذي القعدة، ووافق في سائره؛ وقال أبو العباس بن الصقر: إنه توفي سنة ثمان وأربعين، واليد بما قاله ابن الملجوم اوثق، لضبطه وحضوره إياه، والله اعلم.
١١٥٢ - محمد بن أحمد بن إبراهيم الكلبي: أبو بكر؛ روى عن شريح.