وعلم الكلام وعبارة الرؤيا وقرض الشعر، وكان باراً بأصحابه حسن العشرة لهم كثير الاعتناء بأحوالهم سريع البدار إلى قضاء حوائجهم يقطع اليوم والأيام في النظر في مصالحهم والسعي الجميل في التهمم بمآربهم وأمورهم، محبباً عند العامة والخاصة، محتسباً نفسه في تغيير المناكر، مواظباً على أوراده من أفعال الخير ووظائف البر ليلاً ونهاراً، وقد تقدم له ذكر في رسم طارق بن يعيش (١) ، وكان له بيت قد أعده لخلوته والتفرغ فيه لعبادته وتهجده وقراءة كتبه معتزلاً [١٣٢ و] فيه عن عياله، فقام فيه ليلة إلى تهجده على جاري عادته ثم إن أهله فقدوا صوته فالتمسوه فوجدوه ميتاً، وقيل إنه توفي عشية يوم السبت لخمس بقين من ذي القعدة - وقيل أو ذي حجة - أربع وستين وخمسمائة، وقيل سنة خمس وستين، وقد قارب الستين وذلك ببلنسية، واحتمل إلى شاطبة فدفن بها من الغدفي البقيع المتصل بجامعها، ووجد الناس عليه وجداً شديداً وأسفوه لفقده وتمسحوا بنعشه تيمناً به، ولم يزل دأبهم التبرك بتراب قبره والاستشفاء به للمرضى - نفع الله به -.
(١) أنظر الترجمة رقم: ٢٢١ (ص: ١٤٨ - ١٥٩) من السفر الرابع.