للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دري اللون أسيل الوجه حسن الضرب والقد إلى الطول، قد علا بأخرة إحدى كريمتيه بياض لم يشنها؛ وكان كريم النفس حسن اللقاء براً بأصحابه ومنتابيه، متواضعاً جميل السعي في حوائج الناس عموماً وخصوصاً، مبختاً في تيسير قضائها، متواضعاً صواماً قواماً سري الهمة كامل أدوات الفضل، خطيب زمانه، مثابراً على تلاوة القرآن، حافظاً للحديث، من احسن الناس صوتاً بهما وأطيبهم نغمة في إيرادهما، جيد الخط والضبط ذاكراً للفقه، استقضي [٢١٢ و] ببلدة أيام إمارة أبي العلاء إدريس بن المنصور من آل عبد المؤمن وبعدها، فعرف بالعدل والنزاهة ووطأة الأكناف ولين الجانب حتى يقال إنه ما سجن مدة قضائه أحداً. وخطب بجامع بلده دهراً طويلاً وتردد على حضرة مراكش مراراً، موفداً مبروراً خطيباً (١) عند الأمراء بها مقضي المآرب.

وبعد الطارئ على أبي مروان أحمد ابن شقيقه أبي عمر محمد - حسبما تقدمت الإشارة آنفاً إليه - عزم على الحج فباع جل أملاكه بداخل إشبيلية وخارجها، وفعل في سائرها مات اقتضاه نظره في تصيير وتحبيس وصدقة وغير ذلك من الوجوه، محصناً ذلك كله بالإشهاد عليه، وفصل من إشبيلية يوم [؟] (٢) لثمان خلون من ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، قاصداً سبتة من بر العدوة، وأقلع منها في مركب رومي يوم الأربعاء، لسبع خلون من محرم أربع وثلاثين وستمائة سائراً مع العوالي من


(١) كذا ولعلها " حظياً ".
(٢) بياض في الأصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>