للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرجع من هذه الثنية ثانياً من عنانه، فإنا نقول قولاً ينصره البرهان، ونقضي قضيةً يعضدها العيان: إن أقواماً ضعفت عقوهم عن فهم القرآن فتناولوه بأهواء جائرة، وأفكار مشغولة، وأفهام مشوبة فما لبثوا أن عاجوا عن الطريقة، وحادوا عن الحقيقة: فمن مستحل دم (١) الأمة، ومن نازع إلى بعض فجاج الكفر، ومن قائل على الله عز وجل ما لم يقل. وقد ذكر الله عز وجل وحيه وكلامه فقال: {يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً، وما يضل به إلا الفاسقين} (البقرة: ٢٦) وهكذا كل من تناول شيئاً على غير وجهه، أو وهو غير مطيقٍ له، وبالله تعالى نستعين.

وليعلم من قرأ كتابنا هذا أن منفعة هذه الكتب ليست في علم واحدٍ فقط بل في كل علم، فمنفعتها في كتاب الله عز وجل، وحديث نبيه، صلى الله عليه وسلم وفي الفتيا في الحلالوالحرام، والواجب والمباح، من (٢) أعظم منفعة. وجملة ذلك في فهم الأسماء (٣) التي نص الله تعالى ورسوله، صلى الله عليه وسلم، عليها وما تحتوي عليه (٤) من المعاني التي تقع عليها الأحكام وما يخرج عنها من المسميات، وانقسامها (٥) تحت الأحكام على حسب ذلك والألفاظ التي تختلف عباراتها وتتفق معانيها. ولعلم العالمون أن من لم يفهم هذا القدر فقد بعد عن الفهم عن ربه تعالى وعن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجز له أن يفتي بين اثنين لجهله بحدود الكلام، وبناء بعضه على بعض، وتقديم المقدمات، وإنتاجها النتائج التي يقوم بها البرهان وتصديق أبداً، ويميزها من المقدمات التي تصدق مرة وتكذب أخرى ولا ينبغي أن يعتبر بها.

وأما علم النظر في الآراء والديانات والأهواء والمقالات فلا غنى بصاحبه عن الوقوف على معاني هذه الكتب لما سنبينه في أبوابه إن شاء الله تعالى. وجملة ذلك معرفة ما يقوم بنفسه مما لا يقوم بنفسه، والحامل والمحمول، ووجوه الحمل والشغب


(١) م: دماء.
(٢) من: سقطتن من م.
(٣) س: الأشياء.
(٤) س: عليها.
(٥) س: وانتسابها.

<<  <  ج: ص:  >  >>