١١٣ - المحبة كلها جنس واحد، ورسمها أنها الرغبة في المحبوب وكراهة منافرته والرغبة في المقارضة منه بالمحبة. وانما قدر الناس أنها تختلف من أجل اختلاف الأغراض فيها، وانما اختلفت الأغراض من أجل اختلاف الأطماع وتزايدها وضعفها وانحسامها، فتكون المحبة لله عز وجل وفيه، وللاتفاق على بعض المطالب، وللأب والابن والقرابة والصديق والسلطان، ولذات الفراش، والمحسن، والمأمول، والمعشوق، فهذا كله جنس واحد اختلفت أنواعه كما وصفت لك على قدر الطمع فيما ينال [من المحبوب] ، فلذلك اختلفت وجوه المحبة. وقد رأينا من مات أسفاً على ولده كما يموت العاشق أسفاً على معشوقه. وبلغنا عمن شهق من خوف الله تعالى ومحبته فمات. ونجد المرء يغار على سلطانه وعلى صديقه كما يغار على ذات فراشه وكما يغار العاشق على معشوقه. فأدنى أطماع المحبة، ممن تحب، الحظوة منه والرفعة لديه والزلفة عنده اذا لم تظمع في أكثر، وهذه غاية أطماع المحبين لله تعالى ثم يزيد الطمع في المجالسة ثم في المحادثة والمؤازرة. وهذه أطماع المرء في سلطانه وصديقه وذوي رحمه. وأقصى أطماع المحب ممن يحب المخالطة بالأعضاء اذا رجا ذلك. ولذلك نجد المحب المفرط المحبة في ذات فراشه