للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مقدمة]

[ابن حزم والتاريخ]

يحتل التاريخ حيزاً صغيراً بين مؤلفات ابن حزم على غزارتها ووفرتها، وخاصة إذا قورن بمعاصره ابن حيان، فهو لم يتوفر على الكتابة في التاريخ بمعناه الشمولي، ولا على تفسير التاريخ بحسب منهج منظم، وإنما اقتصر جهده - في حدود ما نعرفه من أسماء مؤلفاته - على ملخصات مركزة موجزة مثل: جوامع السيرة، جمل فتوح الإسلام، أسماء الخلفاء؛ ولعله سار في كتابين آخرين له على مثل هذا المنهج أو شيء شبيه به، أعني كتاب " ذكر أوقات الأمراء وأيامهم بالأندلس " (١)

وكتاب " غزوات المنصور بن أبي عامر " (٢) ؛ كما شمل جهده أيضاً نوادر الأخبار حسبما تدل عليه رسالته " نقط العروس "؛ فإذا وسعنا من مدلول التاريخ ليشمل علم النسب أضفنا إلى كتبه هذه كتاب " جمهرة أنساب العرب " (وهو على ضخامته النسبية يعد " تلخيصاً " لكتب مشرقية في هذا العلم مع إضافة ما جد من أنساب أندلسية وبربرية) وكتاب " نسب البربر " (٣) وربما كان قطعة مستخرجة من الجمهرة؛ حتى إذا زدنا في توسيع مدلول التاريخ ذكرنا مع هذه المؤلفات السابقة كتابه " الإمامة والسياسة في قسم سير الخلفاء ومراتبها والندب إلى الواجب منها ". وهو عنوان غامض، وربما كان مضطرباً، وأكبر الظن أنه يشير إلى اسمي كتابين اختلطا معاً، يمثل أحدهما " الإمامة والسياسة " ويمثل الثاني مجموعة من الكتب المركزة الموجزة، ويعد جوامع السيرة فيه " المرتبة الرابعة " (٤) .


(١) رسائل ابن حزم، الجزء الأول: ١١ (رقم: ١٧) .
(٢) المصدر السابق: ١٣ (رقم: ٦١) .
(٣) النصدر نفسه (رقم: ٤٩) .
(٤) حين نشرنا هذا الكتاب أنا والصديق الدكتور ناصر الدين الأسد وجعلنا عنوانه " جوامع السيرة " لم نخترع هذا العنوان من عند أنفسنا (كما زعم الدكتور صلاح الدين المنجد، انظر مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق، المجلد ٣٤/ ٢ (١٩٥٩) ص ٢٩٢) بل وجدناه عند الكتاني في التراتيب الإدارية (المقدمة ص: ٤٢) والكتاني نقله عن كتاب الخزاعي تخريج الدلالات السمعية (انظر ص: ١٨٤ مثلاً من الطبعة التونسية) وقد زضحنا ذلك في المقدمة (ص ١٥) ولم نترك الأمر ملتبساً، ورجحنا هذه التسمية لكونها أدق على طبيعة الكتاب فتسمية الذهبي للكتاب: السيرة النبوية لا تنقض ما ذكره الخزاعي كما لا ينقضها ما ذكره الخزاعي، وأسماء الكتب تتعرض للإيجاز عند النقل وبعض التحوير لشهرتها، فهذا الخزاعي نفسه ينقل عن كتاب ابن حزم الذي يحمل عنوان " جمهرة أنساب العرب " ويسميه " الجماهر " والأمثلة على ذلك كثيرة تعز على الحصر. وقد ذكر الدكتور المنجد (مجلة معهد المخطوطات، المجلد الثاني (١٩٥٦) ص: ١٩٠) أنه وجد على أول ورقة من النسخة التونسية " المرتبة الرابعة في نسب رسول الله وسيره ومغازيه وجمل من التاريخ " وكذلك وجدت مثل هذا العنوان على نسخة برلين (ولم تكن النسختان متوفرتين لدينا حين تحقيق الكتاب) وهذه التسمية هي التي جعلتني أقول أن عنوان " الإمامة والسياسة في قسم سير الخلفاء ومراتبها ... الخ " عنوان مضطرب. لأن لفظة " مراتبها " تتفق مع عنوان النسختين البرلينية والتونسية.

<<  <  ج: ص:  >  >>