للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ - فصل في تطلع (١) النفس

إلى معرفة ما تستر به عنها من كلام مسموع

أو شيء مرئي وإلى المدح (٢) وبقاء الذكر

٢١٢ - هذان أمران لا يكاد يسلم منهما أحد إلا ساقط الهمة جداً أو من راض نفسه الرياضة التامة وقمع قوة نفسه الغضبية قمعاً كاملاً. ومداواة شره النفس إلى سماع كلام تستر به عنها أو رؤية شيء اكتتم به دونها أن يفكر فيما غاب عنها من هذا النوع في غير موضعه الذي هو فيه، بل في أقطار الأرض المتباينة، فان اهتم بكل ذلك فهو مجنون تام الجنون عديم العقل البتة. وأن لم يهتم لذلك فهل هذا الذي اختفى عنه إلا كسائر ما غاب عنه منه سواء بسواء ولا فرق ثم ليزدد احتجاجاً (٣) على هواه فليقل بلسان عقله لنفسه: يا نفس أرأيت لو لم تعلمي ان ها هنا شيئاً أخفي عنك أكنت تطلعين إلى معرفة ذلك فلا بد من لا، فليقل لنفسه: فكوني الآن كما كنت تكونين لو لم تعلمي بان ها هنا شيئاً ستر عنك، فتربحي الراحة وطرد الهم وألم القلق وقبح صفة الشره. وتلك غنائم كثيرة وأرباح جليلة وأغراض فاضلة سنية، يرغب العاقل فيها ولا يزهد فيها إلا تام النقص.


(١) ص: مطلع؛ م: مطامع.
(٢) م: أو شيء يدني الى المدح.
(٣) م: ليزيد احتجاجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>