ولا يخفى على القارئ أن الوشيجة التي سلكت كل هذه المادة في هذا الجزء إنما هي اتصالها جميعاً بالتاريخ. ولدارس ابن حزم المؤرخ أن يضيف إلى هذه المجموعة كتبه مثل جوامع السيرة وحجة الوداع والجمهرة وأن يعتمد فصولاً تاريخية كثيرة أوردها في الفصل. ونظرات تاريخية في رسائله مثل طوق الحمامة ورسالة التلخيص لوجوه التخليص. ولو وصلتنا رسالته في غزوات المنصور وكتابه في السياسة لأعطينا - فيما أقدر - تصوراً أدق لدوره في الكتابة التاريخية مادة ومنهجاً.
وقد درست ابن حزم المؤرخ في المقدمة معتمداً على ما تيسر لدينا من آثاره في هذا الميدان. ولم أشبع الحديث فيها عن موقف ابن حزم المؤرخ من السيرة النبوية، فذلك أمر قد عرضنا له في مقدمة جوامع السيرة أنا وصديقي الدكتور ناصر الدين الأسد، ولا حاجة إلى إغادة شيء منه في هذا المقام إلا ما كان ضرورياً لاستكمال جوانب الصورة العامة من ابن حزم المؤرخ.