ولا يبين ابن حزم إن كانت هذه المراحل متدرجة متعاقبة أو أنها يمكن (بعد المرحلة الأولى) أن تجيء متوازنة مترافقة أو متداخلة، ولكن الأقرب للمعقول أنه عنى الفرض الثاني، فإن تعاقب هذه المراحل يستغرق وقتاً طويلاً. على أنا قد نقبل الفرض الأول (التعاقب) إذا تذكرنا أن ابن حزم يفترض كتباً مقررة بأعيانها، ولا يدعو إلى التوسع (إلا في العلم الذي يوافق رغبة المرء وملكاته وهذا لا يتعدى ثلاثة علوم بحال) وأنه كان يقيس على استعداده الذاتي، فهو قد استطاع في فترة وجيزة لا تتعدى عشر سنوات، لا أن يتقن علوماً كثيرة (ثم يتخصص في علم الشريعة) وحسب، بل أن يكتب مؤلفات في بعض تلك العلوم (وذلك ما سأوضحه عند الحديث عن التقريب لحد المنطق في ما يلي) .
[- ٢]
[كتاب التقريب لحد المنطق]
١ - اسم الكتاب:
اسمه كما جاء على الورقة الأولى من المخطوطة " كتاب التقريب لحد المنطق، كلام الرئيس الأوحد أرسطاطاليس وغيره، مما عني بشرحه الفقيه الإمام الأوحد الأعلم أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ... ". وقد أشار إليه ابن حزم مرات في