للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ١٤ -

[باب الطاعة]

ومن عجيب ما يقع في الحب طاعة المحب لمحبوبه، وصرفه طباعه قسراً إلى طباع من يحبه، وربما يكون المرء شرس الخلق، صعب الشكيمة، جموح القيادة، ماضي العزيمة، حمي الأنف، أبي الخسف، فما هو إلا ان يتنسم نسيم الحب، ويتورط غمره، ويعوم في بحره، فتعود الشراسة لياناً، والصعوبة سهالة والمضاء كلالة، والحمية استسلاماً؛ وفي ذلك أقول قطعة منها: [من المتقارب]

فهل للوصال إلينا معاد ... وهل لتصاريف ذا الدهر حد

فقد أصبح السيف عبد القضيب ... وأضحى الغزال الأسير أسد وأقول شعراً منه: [من الطويل]

وإني وإن تعتب لأهون هالك ... كزائف نقد ذل في يدي جهبذ (١)

على أن قتلي في هواك لذاذة ... فيا عجباً من هالك متلذذ ومنها:

ولو أبصرت أنوار وجهك فارس ... (٢) لأغناهم عن هرمزان وموبذ


(١) قرئ هذا الشطر: كذائب نقر زل في يد جهبذ؛ أي كالفضة السائلة تدافعت في يد الجهبذ؛ ويضعف من الأخذ بهذا المعنى أن الجهبذ صيرفي للدنانير والدراهم، فهو يميز خالصها من زائفها ولذلك ارجح القراءة التي أثبتها.
(٢) الهرمزان: اسم علم؛ ولا يحمل دلالة على معنى خاص؛ ولعله أراد به معنى الشجاعة، كما أراد معنى التدين في الموبذ، وهو قاضي المجوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>