ولابد لكل محب صادق المودة ممنوع الوصل - إما ببين وإما بهجر وإما بكتمان واقع لمعنى - من أن يؤول إلى حد السقام والضنى والنحول، وربما أضجعه ذلك؛ وهذا الأمر كثير جداً موجود أبداً. والأعراض الواقعة من المحبة غير الأعراض (١) الواقعة من هجمات العلل، ويميزها الطبيب الحاذق والمتفرس الناقد؛ وفي ذلك أقول:
[من الوافر]
يقول لي الطبيب بغير علم ... تداو فأنت يا هذا عليل
ودائي ليس يدريه سوائي ... ورب قادر ملك جليل
أأكتمه ويكشفه شهيق ... يلازمني وإطراق طويل
ووجه شاهدات الحزن فيه ... وجسم كالخيال ضن نحيل
وأثبت ما يكون الأمر يوماً ... بلا شك إذا صح الدليل
فقلت له: أبن عني قليلاً ... فلا والله تعرف ما تقول
فقال: أرى نحولاً زاد جداً ... وعلتك التي تشكو ذبول
فقلت له: الذبول تعل منه ال ... جوارح وهي حمى تستحيل
وما أشكو لعمر والله حمى ... وإن الحر في جسمي قليل
فقال: أرى التفاتأ وارتقاباً ... وأفكاراً وصمتاً لا يزول