تحت الزمان، وإنما الزمان اسم موضوع لمرور الساعات وقطع الفلك وحركاته وأجرامه، والليل والنهار متوالدان عن طلوع الشمس وغروبها، وهما متناهيان في بعض العالم الأعلى، وليس هكذا الزمان، فإنهما بعض الزمان. وإن كان لبعض الفلاسفة قول: إن الظل متماد، فهذا يخطئه العيان، وعلل الرد عليه بينة ليس هذا موضعها، ثم بينت انه وإن كان في أقصى المعمور من الشرق وأنا في أقصى المعمور من الغرب، وهذا طوال السكنى، فليس بيني إلا مسافة يوم؛ إذ الشمس تبدو في أول النهار في أول المشارق وتغرب في آخر النهار في آخر المغارب.
٧ - ومن القنوع فصل أورده وأستعيذ بالله منه ومن أهله، وأحمده على ما عرف نفوسنا من منافرته، وهو ان يضل العقل جملة، وتفسد القريحة، ويتلف التمييز ويهون الصعب، وتذهب الغيرة، وتعدم الانفة، فيرضى الإنسان بالمشاركة فيمن يحب، وقد عرض هذا لقوم، أعاذنا الله من البلاء. وهذا لا يصح إلا مع كلبية في الطبع، وسقوط من العقل - الذي هو عيار على ما تحته - وضعف حس. ويؤيد هذا كله حب شديد معم. فإذا اجتمعت هذه الأشياء وتلاحقت بمزاج الطبائع ودخول بعضها في بعض نتج بينهما هذا الطبع الخسيس، وتولدت هذه الصفة الرذلة، وقام منها هذا الفعل المقذور القبيح. وأما رجل معه أقل همة وأيسر مروءة فهذا منه أبعد من الثريا، ولو مات وجداً وتقطع حباً، وفي ذلك أقول زارياً على بعض المسامحين في هذا الفصل:[من الطويل] .
رأيتك رحب الصدر ترضى بما أتى ... وأفضل شيء ان تلين وتسمحا
فحظك من بعض السواني مفضل ... على أن يحوز الملك من أصلها الرحى
وعضو بعير في الوزن ضعف ما ... تقدره في الجدي فاعص الذي لحا
ولعب الذي تهوى بسيفين معجب ... فكن ناحياً في نحوه كيفما نحا