للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٩ - فصل في غرائب أخلاق النفس]

٢٠٨ - ينبغي للعاقل ان لا يحكم بما يبدو له من استرحام الباكي المتظلم وتشكيه وكثرة تلومه (١) وتقلبه وبكائه، فقد وقفت من بعض من يفعل هذا على يقين انه الظالم المعتدي المفرط في الظلم. ورأيت بعض المظلومين ساكن الكلام معدوم التشكي مظهراً لقلة المبالاة. فيسبق إلى نفس بعض من لا يحقق النظر انه ظالم، وهذا مكان ينبغي التثبت فيه ومغالبة (٢) ميل النفس جملة، ولا يميل المرء مع الصفة التي ذكرنا ولا عليها، ولكن يقصد الإنصاف بما يوجبه الحق على السواء.

٢٠٩ - من عجائب الأخلاق ان الغفلة مذمومة، وأن استعمالها محمود. وإنما ذلك لان من هو مطبوع [على] الغفلة يستعملها في غير موضعها، وفي حيث يجب التحفظ، وهي تغيب عن فهم الحقيقة فدخلت تحت الجهل فذمت لذلك. وأما المتيقظ الطبع فإنه لا يضع الغفلة إلا في موضعها الذي يذم [فيه] البحث والتقصي. والتغافل فهم للحقيقة وإضراب عن الطيش واستعمال للحلم وتسكين للمكروه، فلذلك حمدت حالة التغافل وذمت الغفلة.

٢١٠ - وكذلك القول في إظهار [الجزع وإبطانه] (٣)


(١) م: وشدة تلويه (وهي قراءة جيدة) .
(٢) ص: ومعايلة.
(٣) زيادة من م، وفي د: وكذلك القول في إظهار الخوف وإبطائه، فإن اظهار الجزع

<<  <  ج: ص:  >  >>