للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ٢٤ -

[باب البين]

وقد علمنا أنه لابد لكل مجتمع من افتراق، ولكل دان من تناء، وتلك عادة الله في العباد والبلاد حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين. وما شيء من دواهي الدنيا يعدل الافتراق، ولو سالت الأرواح به فضلاً عن الدموع كان قليلا. وسمع بعض الحكماء قائلاً يقول: الفراق أخو الموت، فقال: بل الموت أخو الفراق (١) .

والبين ينقسم أقساماً:

١ - فأولها مدة يوقن بانصرامها وبالعودة عن قريب، وإنه لشجى في القلب، وغصة في الحلق لا تبرأ إلا بالرجعة. وأنا أعلم من كان يغيب من يحب عن بصره يوماً واحداً فيعتريه من الهلع والجزع وشغل البال وترادف الكرب ما يكاد يأتي عليه.

٢ - ثم بين منع من اللقاء وتحظير على المحبوب من أن يراه محبه، فهذا - ولو كان من تحبه معك في دار واحدة - فهو بين، لأنه


(١) ذكر ابن داود عن الجاحظ قوله: " لكل شيء رفيق ورفيق الموت الهجر " وعلق عليه بقوله: " وليس الأمر كما قال، بل لكل شيء رفيق، ورفيق الهجر الموت " (الزهرة ١: ١٣٧) وانظر المقدمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>