للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحسب أنها السوداء فانظر ... لنفسك إنها عرض ثقيل

فقلت له: كلامك ذا محال ... فما للدمع من عيني يسيل

فأطرق باهتاً مما رآه ... ألا في مثل ذا بهت النبيل

فقلت له: دوائي منه دائي ... ألا في مثل ذا ضلت عقول

وشاهد ما أقول يرى عياناً ... فروع النبت إن عكست أصول

وترياق الأفاعي ليس شيء ... سواه ببرء ما لدغت كفيل وحدثني أبو بكر محمد بن بقي الحجري، وكان حكيم الطبع عاقلاً فهيماً، عن رجل من شيوخنا لا يمكن ذكره، انه كان ببغداد في خان من خاناتها فرأى ابنة لوكيله الخان فأحبها وتزوجها، فلما خلا بها نظرت إليه وكانت بكراً، وهو قد تكشف لبعض حاجته، فراعها كبر إحليله، ففرت إلى أمها وتفادت منه، فرام بها كل من حواليها أن ترد إليه، فأبت وكادت ان تموت، ففارقها ثم ندم، ورام ان يراجعها فلم يمكنه، واستعان بالأبهري (١) وغيره، فلم يقدر أحد منهم على حيلة في أمره، فاختلط عقله وأقام في المارستان يعاني مدة طويلة حتى نقة وسلا وما كاد، ولقد كان إذا ذكرها يتنفس الصعداء.

وقد تقدم في أشعاري المذكورة في هذه الرسالة: من صفة النحول مفرقاً ما استغنيت به عن أن أذكر هنا من سواها شيئاً خوف الإطالة، والله المعين والمستعان.


(١) هذه النسبة " الابهري " تنصرف إلى واحد من فقهاء المالكية، فإن كان المقصود الابهري الكبير فهو أبو بكر محمد بن عبد الله بن صالح، الذي سكن بغداد وانتشر عنه مذهب مالك بالعراق وجمع بين القرآن وعلو الأسناد والفقه الجيد، وقصده الطلبة من كل فج فممن أخذ العلم عليه من الاندلسيين: أبو عبيد الحيوني والأصيلي (الذي بقي في بغداد ثلاث عشرة سنة) وأبو محمد القلعي وأبو القاسم الزهري، وكانت وفاة الابهري سنة ٣٧٥ (ترتيب المدارك ٤: ٤٦٦) وذكر ابن بشكوال أن محمد بن يوسف بن أحمد التاجر كانت له رحلة إلى المشرق وأخذ عن الابهري شريحة لمختصر ابن عبد الحكم وعن هذا التاجر يحدث أبو بكر جماهر بن عبد الرحمن الحجري (الصلة: ٤٩٢) ولجماهر هذا ابن اسمه محمد توفي سنة ٤٢٤ (الصلة: ٤٨٨) ، ومع ذلك تبقى كلمة " بقي " عقبة في سبيل القطع بشيء في هذا الصدد.

<<  <  ج: ص:  >  >>