للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرغب مجامعتها على هيئات شتى في أماكن مختلفة ليستكثر من الاتصال. ويدخل في هذا الباب الملامسة بالجسد والتقبيل، وقد يقع بعض هذا الطمع في الأب في ولده فيتعدى إلى التقبيل والتعنيق.

وكل ما ذكرنا، إنما هو على قدر الطمع. فإذا انحسم الطمع عن شيء ما لبعض الأسباب الموجبة له مالت النفس إلى ما تطمع فيه. ونجد المقر بالرؤية ونجد المقر بالرؤية لله عز وجل شديد الحنين اليها عظيم التروح (١) نحوها، لا يقنع بدرجة دونها لأنه يطمع فيها، ونجد المنكر لها لا تحن نفسه إلى ذلك ولا يتمناه أصلاً لأنه لا يطمع فيه، ونجده يقتصر على الرضى والحلول في دار الكرامة فقط، لأنه لا تطمع نفسه في أكثر. ونجد المستحل لنكاح القرائب لا يقنع منهن بما يقنع المحرم لذلك، ولا تقف محبته حيث تقف محبة من لا يطمع في ذلك. فنجد من يستحل نكاح ابنته وابنة أخيه كالمجوس واليهود لا يقف من محبتهما حيث يقف المسلم، بل نجدهما يتعشقان الابنة وابنة الأخ كتعشق المسلم من يطمع في مخالطته بالجماع. ولا نجد مسلماً يبلغ ذلك. فيهما ولو أنهما أجمل من الشمس، وكان هو أعهر الناس وأغزلهم. فان وجد ذلك في الندرة فلا تجده الا من فاسد الدين، قد زال عنه ذلك الرادع فانفسح له الأمل وانفتح له باب الطمع. ولا يؤمن من المسلم أن تفرط محبته لابنة عمه لحاً (٢) حتى تصير عشقاً وحتى تتجاوز محبته لها محبته لابنته وابنة أخيه وان كانت اجمل منها، لأنه يطمع من الوصول إلى ابنة عمه حيث لا يطمع من الوصول إلى ابنته وابنة أخيه. ونجد النصراني قد أمن ذلك من نفسه في ابنة عمه أيضاً لأنه لا يطمع منها في ذلك ولا يأمن ذلك من نفسه في أخته من الرضاعة لأنه طامع بها في شرعته (٣) .


(١) التروح: الارتياح، وقد تقرأ " النزوع ".
(٢) لحاً: لاصق النسب.
(٣) م: شريعته.

<<  <  ج: ص:  >  >>